( نبض الشارع )


(أن أستطعت أن تشتم في الصورة روائح العطارين والخبازين في أزقة الأسواق الشعبية وترى الناس بأختلاف ملامحهم وثقافتهم وسلوكهم وتسمع أصوات كبار السن على دكات الكراسي المصنوعة من الأحجارأو سعف النخيل ولعب الأطفال في الحواري القديمة بين بيوت تحكي قصص سعادتهم وحكايات تلك الشوارع فأنت ترى فن تصوير الشارع وهو نوع من انواع التصوير الفوتوغرافي قد برع فيه كثير من المصورين المبدعين في أنحاء العالم )
نشأ فن تصوير الشارع في خمسينيات القرن الماضي حيث أصبحت الكاميرات الفوتوغرافية المحمولة متوفرة أكثر من السابق وبأسعار معقولة ,وفي الستينات والسبعينات برز مصورون كثيرون في هذا المجال أبرزهم الفرنسي هنري كارتييه بريسون (1908-2004)، وليام كلاين (1928-)، جويل مايروفيتس (1938-)، جاري وينوغراند (1984-) وغيرهم كثير. 

ويعرّف (شارل شمالي)، وهو مصوّر محترف (( فن تصوير الشارع بكونه تصوير الحركة اليومية للناس أو ما يُعرَف بنبض الشارع)) ولاحظ بأن هذا الفن له نوعين من المصورين المبدعين فيه :


1- هناك من يختار أن يضع نفسه في قلب الحدث من خلال استخدام عدسات معينة، مثل هنري كارتييه بريسون
2- وهناك من يتحين اللحظة كونه يعرف خصوصية هذا الشارع وينتظر الزمان والمكان اللذين يحدث فيهما تفاعل ما ليلتقط صورته.

ويؤكد شمالي أن جمالية صورة الشارع هي في تلك اللحظة التي يلتقط الفنان صورته خلالها والمسماة «لحظة النقر»، في هذه اللحظة بالذات إن لم تلتقط الصورة فإنها تفقد «مزاجها» وبالتالي جماليتها.
ولكي نلتقط صورة أحترافية لحياة الشارع لابد أن تتسم بالعفوية وأن تتضمّن حركة الناس أو عنصراً إنسانياً أو مخلوق حتى وأن كانت قطه فوق الجدران أو غيرها وتصوير الشارع يحفظ ذاكرة الناس والأماكن وهو نوع من أنواع التعبير عن الرأي في حدث ما ولكن تتنهي حرية المصور هنا عند مضايقة الناس فالمصور المبدع يستطيع أن يأخذ أجمل لقطات الشارع بدون أن يضايقهم في تصويره لهم.
أن أهم ما في تصوير الشارع هو عدم مسرحة المشهد وألا يملي المصوّر على الناس حركتهم بل يصورهم على سجيتهم وغالباً من دون أن يلاحظوا ذلك وصورة الشارع الناجحة هي تلك التي ما إن تنظر إليها حتى تتأكد أنك لو عبرت في المكان ذاته، خلال اللحظة عينها، لن تلاحظ وجودها في الحياة اليومية , فاللامتوقع هو أجمل ما في الأمر.


سمات تصوير حياة الشارع :

لكل نوع من التصوير سمات يتميز بها، فتصوير حياة الشارع له ثلاثة سمات أساسية في الصورة:

 أولها أن يكون التصوير في الأماكن العامة مثل الأسواق و المساجد و المنتزهات و المطارات و كل مكان عام به حياة، و هذا لا يشمل المعامل أو المصانع و لا حتى محترف الفنان فإنه يعتبر مكان غير عام حسب وجه نظر المصورين.


الثانية هي عدم الاستئذان أو التنسيق لتبدو واقعية و عفوية.


 الثالثة هي الإقتراب من الموضوع كما قال المصور روبرت كابا “إذا لم تكن صورتك جيدة، إذن لم تكن قريب بما يكفي” هذه المقولة بمعناها المباشر و السطحي، لها عمق معنوي فالإقتراب المادي لايكفي فلابد من الإقتراب الحسي لموضوعك و التواصل معاه و معرفة قصته.
ما الذي يجب أن تقوم به قبل وأثناء تصوير الشارع ؟


1-إعداد الكاميرا بالشكل المناسب لكل مشهد أنت مقبل على تصويره.
2-إختيار الزاوية المناسبة للتصوير قصد الحصول على تكوين جمالي للصورة.

3-تطبيق قاعدة الأثلاث عندما تستدعي الضرورة لذلك.
4-التركيز على وضع الأهداف الأكثر أهمية في نقاط قوة التركيز.
5-إلتقاط أكبر عدد ممكن من الصور، بعدها تختار الأفضل منها.
6-إستخدم صيغة راو raw في إلتقاط الصور لو كنت ستعدل عليها لاحقا.
7-إلتقاط صور بالأبيض والأسود هي تجربة فريدة من نوعها أثناء تصوير الشارع.

كان المصور والصحفي البريطاني ( مايكل فريمان ) من رواد تصوير حياة الشارع والمدن وله كتاب بأسم ( مدرسة الشارع ) كتب فية بعض التقنيات التي تساعد في أتقان هذا النوع من التصوير الفوتوغرافي ومنها :


1- مهارة الأختفاء :

كن خفيفاً: كلما كنت سريعاً و خفيفاً في الشارع ، كلما كنت أقل إثارة للإنتباه ، دع عنك العواكس و الحامل الثلاثي و الفلاشات و غيرها، كل ما تحتاجه في الشارع هو الكاميرا و العدسة فحسب , وأندمج مع الزحام وقف على جوانب الطرق حتى لا يلاحظك الناس .

2- العدسات وتأثيرها على نمط التصوير:


 (العدسات الواسعة)

تستخدم العدسات الواسعة لشيء واحد و هو التآكيد على الحدث (الأكشن) داخل الصورة، كذلك تمكن المصور من إضافة عناصر في مقدمة الصورة و الخلفية مع إمكانية جعلهم واضحين نوعاً ما, و هنا يوضح مايكل فريمان أن هذه العناصر التي تتم إضافتها في داخل إطار الصورة يجب أن تكون مرتبطة بالموضوع أو متجاورة و يضيف أن هذه العدسات تعطي تأثيراً (إنبعاج) على الخطوط مما تمكن المصور من التلاعب بالمنظور .
( العدسات الطويلة.. التيلي فوتو )

العدسات الطويلة تعرض العالم من نافذة ضيقة، مباشرة إلى الحدث (الأكشن) طاردة كل التفاصيل،وتعمل على تأطير شخص واحد أو موضوع معين مع عزل الخلفية و التركيز على الحدث و تكون سريعة في الإقتناص من بعد و تزيل التوتر الناتج عن التقرب من الموضوع .
( العدسات القياسية )

وهي عدسات ذات بُعد بؤري ثابت، و لكن بالمصطلح هنا المقصود بها العدسات الكلاسيكية و التي تكون بعدها البؤري بين ٢٤ ملم و ٥٠ ملم و التي تكون مقاربة لعين الإنسان ,هذه العدسات عادة ما تكون ذات حدة عالية و فتحة عدسة واسعة، فلهذا مصورو حياة الشارع يسخدموها لإمكانية التصوير في الإضاءة الخافتة و أنها تعطي عزل للخلفية,بالإضافة لكونها ذات بعد بؤري ثابت فإنها تحد المصور في الإطار مما يجعله مبدعاً في إيجاد الزاوية المناسبة و تجعله يتقرب للموضوع .
( العدسات متغيرة البعد البؤري أو الزووم )

الجميل في هذه العدسات أنها ذات بعد بؤري متغير مما تمكنك من التقرب من الموضوع دون أن تتحرك من مكانك، فهذه العدسات تنفع في كل شي من تصوير المدن ( الواسعة) حتى البورتريهات (الطويلة)وأن صور حياة الناس تتكون في مخيلة المصور في أجزاء من الثانية و أن هذه النوع يوفر علينا الوقت و الوقت هما ذات قيمة, وهذه العدسات تعتبر رخيصة مقارنة بالعدسات الطويلة.

3- الوسع و القرب :


يذكر مايكل فريمان أن العدسات الواسعة هي المفضلة لمصورين حياة الشارع و ذلك لأن هذه العدسات تأكد على الحدث (الأكشن)،وكذلك لصغر حجمها تكون غير ملفته مقارنة بالعدسات الطويلة,البعد البؤري المتعارف عليه لهذه العدسات بين ٢١ ملم إلى ٣٥ ملم، هذا كان في السابق أما الآن فأصبح المصورون يستخدمون  عدسات اوسع تصل إلى ١٤ ملم,فالعدسات الواسعة تأكد الأكشن و تتضح لك المقدمة والخلفية في الصورة،والأشياء القريبة من العدسة أكبر من البعيدة،الخطوط أكثر وضوحاًوعمق الميدان رائع مما يجعلك تنغمس في الصورة.

4- التصوير من قرب :

هناك طرق للتصوير من قرب بدون ان تُلاحظ أو تزعج احداً ومنها أن تطفئ كل الأصوات التي تصدر من الكاميرا أولاً و كذلك لبس الأشياء الإعتيادية لتصبح جزء من الزحام قف في منطقة الزحام و ابحث عن الصورة و بعد التصوير إبقي الكاميرا في وضعها و ابحث عن شيء آخر لتصوره, فالجميع سيلاحظ الكاميرا و لكن لا يمكنهم معرفة متى تصور لأن الكاميرا على وضعها(على العين) فكن على ثقة نادرا ما ستجد شخص يتذمر وعندما تصور من قرب لا يعني وجهاً لوجه مع الموضوع،بإمكانك رفع الكاميرا أو إنزالها.

5- مهارة التفاعل :

واحدة من المهارات المهمة في تصوير حياة الشارع أن تكون مستعداً دائماً لإقتناص أي لحظة ،و لكي تنمي هذه المهارة يجب أن تكون الكاميرا معك أينما كنت ، و لا تضع غطاء العدسة بل إستخدم فلتر اليو في للحماية ، و لاتطفئ الكاميرا بتاتاً بإمكانك جعلها تنام (سلييب مود) بعد ثواني من عدم الإستخدام ترقبا لأي حدث مفاجئ يستحق التصوير,في معظم الأحيان و الظروف الشخص لا يدري أنك صورته و هذا يخلق صورة طبيعية غير مصطنعة ولكن هناك حالات تستدعي أن تطلب الإذن للتصوير تذكر أن تبتسم حتى و انت تصور و أن توضح بكل بساطة لماذا انت تصور ..في معظم الأحيان ستجد إنطباع الموضوع غير جيد أو انه متجمد أمام الكاميرا كل ما عليك أن تريهم الصور و تصور ثانية مع الثناء عليهم ..تذكر دائماً أن تستمع و تسعد بالتصوير ، فكلما كنت واثقاً كلما لاقيت الترحيب من الناس .

بعض الصور الجميلة من حياة الشارع 







( المعلومة بأبسط الكلمات شغف الصورة )










تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماذا تعرف عن مثلث التعريض في التصوير الفوتوغرافي ؟!

التكوين في التصوير الفوتوغرافي ( الجزء الأول )

التكوين في التصوير الفوتوغرافي ( الجزء الثاني )