الأبعاد الجمالية في الصورة .. ؟


الصورة مادة أتصال تقيم العلاقة بين المرسل والمتلقي، فمرسل الصورة لا يقترح رؤية محايدة للأشياء والمتلقى يقرأها انطلاقا من التجربة الجمالية والخيال الأجتماعى ذلك لأن الصورة لا تخاطب حاسة البصر لدى المتلقى فقط بل تحرك حواسه وأحاسيسه وميراثه العاطفى والأجتماعي.
ومن هنا نرى بأن فهم الصورة يرتبط أرتباطاً وثيقاً بثقافة المتلقى وقدرته على استيعاب مغزاها وفهم أبعادها وفك رموزها بدقة وبطريقة سليمة، وشأنه فى ذلك شأن اللغة اللفظية، فعلى قدر خبرات الفرد وتجربته السابقة وخلفيته الثقافية يكون استعداده لتفهم مضامين الصور الفوتوغرافية التى تعرض عليه وعمق تفسيره لها، وبتعبير آخر فإن المعنى الذى تثيره الصورة فى ذهن الانسان ليس موجودا كاملاً وبالضبط فى الصورة بل يكون جزء منه موجود فى الشخص المشاهد لها، وان الصورة بما تحتويه من مكونات ما هى إلا مثير بصرى يستدعى هذه المعانى ويرتبها.
5 أبعاد للصورة الفوتوغرافية :
1-  الطول والعرض :
هما بعدان قياسيان نتنبه لهما بديهيًا لكثرة احتكاكنا بهما في حياتنا اليومية ، فبعدي الطول والعرض يشكلا كادرًا مسطحًا تنتقل خلالهما العين لتكون صورة للاشكال والابعاد المسطحة كالدوائر والمربعات والخطوط وحتى البعد بين نقطتين، فكل نقطة ومسافة داخل الكادر تخضع لهذا البعد البديهي في عين المتلقي ,وعين  المتلقي مدربة على كشف العيوب في الأبعاد تدريبًا متفاوتًا من شخص لآخر يعتمد على تعامله اليومي مع هذه الابعاد ,فعين المشتغل في بيع الأقمشة والأراضي والمساحات والمعمار الهندسي تستطيع التميز القياسي أكثر من غيرها ، ولكن حينما تحصر مشهدك الفوتوغرافي في هذين البعدين فقط فالعمل الناتج يكون مجمله فاقد للحياة والروح ؛لأنك في هذه الحالة تحتاج لأبعاد اخرى لتبعث في اللقطة الاحساس.
2-  العمق :
حينما تضيف إلى اللقطة بعد العمق وتسمح للمتلقي بالتعمق والتجول داخل الكادر وإعطاؤه بعدًا بصريًا قياسًا آخر فأنت تفتح نافذة من البراح والواقعية ، وتظهر الظلال والنسب المختلفة ، ويصبح المشهد ثلاثي الأبعاد و يعبر عن واقع الحياة اليومي الذي يعيش فيه المتلقي ، ويظهر العمق الميداني في المشهد الفوتوغرافي وتزداد اللقطة واقعية.
3- الزمن :
البعد الزمني من أهم وأدق الأبعاد في اللقطة الفوتوغرافية، فتحديده في اللقطة وأعتماده لدى المتلقي يرجع الى أعتماد المصور على عوامل طبيعية وعناصر تكوينية , فنحن لا نتحدث عن الساعة المحددة إلا إذا كانت موجودة في المشهد كساعة بالفعل ، أو إن كانت غروبًا او شروقًا ظاهرًا في المشهد ، ونستطيع تحديد فصول السنة الأربعة وجمال الطقس - ربيعه - خريفه - صيفه أو شتائه - وقساوة الطقس والعواصف ؛ من  إظهار التأثير الجوي والمناخي في اللقطة وتفاعل العناصر البشرية  الموجودة في اللقطة أو الكائنات الحية , ويمكننا أيضا ان نأخذ المتلقي في حقبة زمنية معينه من خلال عناصر التكوين في المشهد :كالمباني والملابس والأدوات  والتاريخ  إن ظهر في المشهد. لهذا فإن التسجيل الزمني في المشهد يجب أن يتضمن التجانس التام بين كل عناصره، فلا يحتوي المشهد القديم مثلًا على عناصر مستحدثة تتسبب في خروج المتلقي عن السياق الزمني التي تريد ان ترسله له ,ويستثني من ذلك المشاهد التي ذات معنى المقارنة الزمنية بين القديم والحديث ؛ فالزمن يضيف على اللقطة بعداً نستشعر معه الماضي واللحظة.
4- المعنوي والحسي :
هل استشعرت الحر والبرودة من خلال لقطة ...؟ هل لمست جمال الانسان ...؟ هل عشت البراءة الملتقطة داخل كادر للطفولة ...؟  هل دمعت عيناك من خلال مشهد فوتوغرافي ؟ هل استشعرت الحنان.. الأمومة.. الفرح.. الحزن.. القسوة.. العطاء.. التعب والكد.. والعمل....؟ هل حاولت مسح دمعه عين في صورة ؟ هل نظرت الى صورة و تأثرت بحدثتها ؟
الصورة هي روح الانسان خلال لحظة من عمره تجسد معنى و ذكرى ، تحمل مشاعر إنسانية , إن أضفت هذا البعد إلى المشهد الفوتوغرافي فأنت بالفعل لقطت صورة حية نقلت فيها المعاني بمنتهى النقاء الي المتلقي , والبعد المعنوي بعدًا شاملًا عميقًا ، يعتمد إما على التعبير الصريح للمعني في المشهد أو التعبير المجازي المجرد والمفاهيمي اوالترميز بالعناصرو الأدوات , وتختلف درجة التعبير وعمقها من مصور لآخر، ومن متلقي يستشعر كل ذلك أو بعض منه اعتمادًا على مخزونه الذهني وتذوقه الفني وحسه وتفاعلاته وذكرياته.  

وأخيراً :
خمسة أبعاد ترسمهم بالضوء  في عملك الفني وتقدمه الى المتلقي ، التوافق والتناغم بينهم هو ما يمرر المشهد بلطف وهدوء من عين الى قلب المتلقي  وتثير احاسيسه أتجاه المشهد ؛ فينسج خياله قصصًا حوله و يعيشها ,المشهد الفوتوغرافي يحتوي على عناصر متكامله ، بعضها أساسي للموضوع والآخر ثانوي ليخدمه ويؤكد على البطل ( العنصر الأساسي) وكل عنصر في الصور له دور يفهمه المصور يجب ان يؤثر بايجابية على المتلقي وإلا أصبح عنصرًا مشتتًا للمعنى يجب استبعاده ومن الخطأ وجوده في الكادر.
 فالأدوات تعبر عن الحرفة ,والملابس تعبر عن الشخصية ,والمكان يعبر عن البيئة ,وكلهم يعبرون عن الزمن إن أستطعنا الدمج بينهم بتجانس ناعم غير منفر ولا مباغت, والزاوية تعبر عن معنى مصدره البطل ,ومستوى الكاميرا يعبر عن معني مصدره المصور والوضعيه  تعبر عن حالة وفعل لحظة الاقتناص , ربما في صالحك وربما فوّتها فالصورة لحظة ميلاد.


شكر خاص إلى المصور حسام الدين مصطفى من صحيفة عرب فوتو :
http://www.arb-photo.com/news-80.html

تعلم التصوير الفوتوغرافي بأبسط الكلمات مدونة شغف الصورة







تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماذا تعرف عن مثلث التعريض في التصوير الفوتوغرافي ؟!

التكوين في التصوير الفوتوغرافي ( الجزء الأول )

التكوين في التصوير الفوتوغرافي ( الجزء الثاني )